عزيز العرباوي - المغرب
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7541 Azizelarbaoui017@gmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
إن احترام التقارب بين المسلمين دعوة ربانية جاءت في كتاب الله عز وجل فطالب المسلمين بالاعتصام بحبل الله جميعا وعدم التفرقة أو الدعوة إليها، إما هدفا في تحقيق مآرب خاصة، أو السيطرة على جماعة أخرى تنتمي إلى الدين نفسه بدعوى أن هاته الجماعة على ضلال وكفر، فيقول الله تعالى:(واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبين الله آياته لعلكم تهتدون.)"آل عمران ، الآية:103".. والدعوة الربانية هنا إلى نبذ الفرقة والخلاف الديني الذي يقود إلى الصراع والحراب، بل الدعوة إلى الاعتصام والتقارب والأخوة هي الدعوة الصريحة التي أتى بها الله تعالى وطالب بل وأمر رسوله الكريم "محمد (ص)" بالعمل على تطبيقها مع أصحابه وأتباعه من المسلمين في بداية الوحي. ولولا ذلك التعاضد والأخوة لضعف المسلمون في أول تجربة يقعون فيها أمام قوة وبطش "قريش" بهم.
إن الحكم على التباعد والصراع بين المسلمين، طبقا لتعاليم مذهب معين يدفع تابعيه إلى محاربة أهل المذاهب الأخرى وتكفيرهم، بأنه بداية للخروج عن الجماعة، وهذه الجماعة هي جماعة المسلمين جميعا دون امتياز بين أصحاب مذهب أو حركة على أخرى. فالجماعة هنا هي كل المسلمين المجتمعين على كلمة سواء. وأما الحكمة من تشريع التقارب والأخوة بين المسلمين رغم اختلاف مذاهبهم وعرقياتهم وطوائفهم، هي العمل على تكتل المسلمين ضد أعدائهم والوقوف جنبا إلى جنب من أجل إبعاد المعتدين وإخراج المحتلين الذين يحتلون أراضيهم ويستبيحون أعراضهم... ولعل الوضع في العراق وفي لبنان وفلسطين...، وهي بلاد المسلمين التي تعرف احتلالا سافرا من طرف قوى ظالمة ومغتصبة للأرض والنسل، فالدعوة هنا يجب أن تكون لجميع المسلمين في هذه البلدان وغيرها إلى التكتل لمقاومة المحتل، الشيعة منهم والسنة.... فالجهاد ضد المحتل والمغتصب للأرض ليس مقصورا على جماعة أو حركة دون غيرها، فتجاهد جماعة ضد المحتل والمغتصب، وتجاهد الأخرى ضد إخوانها من المسلمين كما نعيش في العراق ولبنان وفلسطين.. حيث نجد أطرافا مسلمة تحارب المحتل وتقاومه لإخراجه من بلادها، وأطرافا أخرى تحارب هذه المقاومة وتتهمها بالإرهاب...
قبل انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى خطب في أصحابه وأمته من المسلمين خطبة الوداع التي كانت بمثابة آخر النصائح التي يقدمها إلى أتباعه في الدين، ودعاهم إلى الأخوة واعتبر تلك اللحظة بأنه قد أكمل رسالته العظيمة التي تميزت بالإنسانية والصحبة والأخوة والسلام، وبأن المسؤولية العظمى قد أصبحت بيدهم بعدما حل أجله الذي لا يؤخر إذا جاء. وعوض إكمال الرسالة وتوسيع رقعة الإسلام بعيدا عن الخلافات والمشاكل، كان أول خلاف هو خلافة الرسول(ص). ودفع الاختلاف حول الخلافة إلى ظهور العديد من الآراء ومن المواقف التي أدت إلى تصاعد وتيرة الخلافات العرقية والقبلية آنذاك. بل عرف الإسلام في بداية تأسيس قواعده القوية مشاكل أعظم من هذه الخلافات، تجلت في الردة التي أعلنها العديد من المسلمين الذين كانوا مقتنعين بهذا الدين في حياة الرسول وبعد وفاته ارتدوا عنه من مثل "مسيلمة الكذاب " الذي ادعى النبوة وأبدع قرآنه الهزلي.
قال تعالى في كتابه العزيز : (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون..) "الأنبياء الآية:92". إن المقصود من هذه الآية -والله أعلم- أن أمة الإسلام التي يوجد عليها المسلمون أمة واحدة لا تحتمل الاختلاف والخلاف حول مبادىء هذا الدين، بل إن الادعاء بأن هذه الجماعة على حق والآخرين على ضلال عمل يقوض هذه الوحدة التي دعا إليها الله في كتابه الكريم وطبقها الرسول العظيم في سننه.
إن السيرورة التاريخية المليئة بالخلافات والصراعات بين المسلمين بعد وفاة الرسول (ص)، وبقليل من التحديد بعد قتل "عثمان بن عفان"(ض) الخليفة الثالث للرسول وللمسلمين، أدت إلى خروج العديد من الحركات والجماعات التي ادعت الحقيقة والإيمان وكفرت أندادها من باقي الحركات والجماعات، بل كان التحكيم بين "معاوية بن أبي سفيان" و "علي بن أبي طالب"(ض) وخرج بنتيجة أن تكون الخلافة "لمعاوية بن أبي سفيان" سببا خطيرا أدى إلى تأجيج الكثير من النعرات العرقية والقبلية التي أودت باستقرار المسلمين اجتماعيا ودينيا وسياسيا .. ونتيجة لهذا التحكيم ظهرت فرق "الخوارج" التي بدورها تشتتت إلى فرق ومذاهب كثيرة أثرت على الاستقرار في دولة المسلمين وشنت حروبا على دولة المركز بزعامة "معاوية بن أبي سفيان" مهندس مفهوم "أمير المؤمنين" .
وبكون تاريخنا الإسلامي الحابل بالعديد من الصراعات والحروب بين المسلمين أنفسهم سببا في وجود أفكار ومفاهيم عصرية وجديدة تدعو إلى تأجيج الصراع القديم وإبقاء الخلاف الجوهري بين المسلمين الذي نبذه الله تعالى ونهى عنه رسوله الكريم. ولسنا هنا نهدف إلى إعادة سرد تاريخنا المليء بالصراعات غير المشروعة طبقا لتعاليم ديننا الحنيف، ولكن الهدف من هذا السرد هو محاولة التذكير بمنبع هذا الصراع الجديد الذي نشهده الآن بين مسلمي هذا الزمان بكل مذاهبه المختلفة. وما يثيرنا هو كل الأفعال والسلوكات التي يبتدعها هذا المذهب أو ذاك لإثارة المذهب المخالف له، وليس من شيم المسلمين أن نسمع عنهم هذا الكلام ويسمع عنهم الآخر أيضا ذلك.
إن الخلاف الذي نعيشه بين المسلمين وخاصة بين أهل الشيعة وبين أهل السنة مرده إلى الصراع الذي عاشه المسلمون خلال فترة تاريخية من التاريخ الإسلامي، الصراع بين الأمويين وبين أهل البيت من أبناء "علي بن أبي طالب " وأحفاده، هذا الصراع الذي أدى إلى مقتل "الحسين بن علي "(ض) على أيدي الأمويين بقطع رأسه والتمثيل به دون رحمة أو شفقة، من أيامها والشيعة (أي شيعة "علي" الذين شايعوه بعد حادثة التحكيم بينه وبين "معاوية"، وغالبيتهم من آل البيت)، يحقدون على أهل السنة ويتهمونهم بدم "الحسين" الشهيد (ض). وهذا كلام عار من الصحة لأن أهل السنة ما كانوا ليقبلوا بمثل هذا الفعل الشنيع الذي أقدم عليه الأمويون بصفتهم سنة أيامها...
ما نطالب به اليوم هو الرجوع إلى التعقل والدفع بعملية التقارب بين المسلمين جميعهم، ونسيان كل الأسباب التي دفعت بهم إلى الصراع المذهبي والسياسي، لأن أغلب الصراعات كانت من أجل أهداف سياسية وأطماع اقتصادية، وحتى واقعة مقتل "الحسين" (ض) وغيره من الصحابة والسلف الصالح. وليس من الحكمة الإبقاء على مثل هذه الأفكار والمعتقدات التي تؤدي بالوحدة الإسلامية إلى الفرقة والتشتت...
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
28-07-2009 / 14:35:23 مريد ابن رشد
تقدير
السيد الكريم عزيز العرباوي جزاك الله خيرا على هذا النضج الديني والسياسي الذي يدعو الى اشاعة الحوار العقلاني والتسامح الديني واخذ العبرة من التاريخ قديمه وحديثه حتى لا يغتر سليم النية باقوال اولائك المتشددين الذين يريدونها حروبا اهلية في ديار العرب و المسلمين(احنا ناقصين?)
18-07-2009 / 18:34:41 محمد راجح
لو نصمت عن كل رذيلة افضل مما نكتب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقول للاخ الكاتب جزاه الله خيرا نحن الان نكتب ونحتج على الغرب الذين اصلا لايؤمنون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ومنذ ان بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم لازالوا يدسوا الدسائس والمؤامرات وكل ثغرة وجدوها مفتوحةولجوا فيها اذا نحن نتوقع من اعدائنا الذين لايريدون بنا خيرا اي شيئ فما بالك بمن يدعي الاسلام ويقول الشهادتين عنده اخطر مما عند اليهود هنا مكمن الخطر انت تتكلم عن التقارب وعن الوحدة الاسلامية وكل من يخالفهم الراي فهو ناصبي ومن مات على غير معتقدهم فهو في جهنم نحن كمسلمين تربينا وتعلمنا ان المسلمين شرقا وغربا وسودا وحمرا وصفرا كلهم اخوة ولم يراودنا الشك في ذلك ابدالكن لما ننظر الى الوقائع والحقائق نرى عكس ذلك الرجل لو اصيب بمرض الغرغرينا يقطع ويبتر الطرف المصاب حفاظا على بقية جسده وديننا لم تكن فيه لا مواربة ولا خفاء لانه الدين الصحيح والمنزل على خاتم الانبياء والمرسلين فالتاويلات والتكفير والتقية والظاهر والباطن والفرق وكل فرقة تريد ان تضم اليها ناس عن طريق الاغراءات المادية او الترهيب وذلك لتكفير الفرقة الاخرى وعدم اتحاد المسلمين وكلنا نعرف مصدر القلق ومصادر الاختلاف ومصادر التفرقة فاظن كفانا لاننا نريد التقارب ونريد الوحدة وغيرنا يريد التفرقة ويريد المذلة للاسلام والمسمين يلبس عباءة الاسلام بحبه للاسلام ورسول الاسلام واهل بيت نبي الاسلام وهذا عنه بعيد بعد الثريا عن الثرى الهدف الاول والاخير هو هدم الاسلام باسم هذذا الحب وهذا الاعتقاد ونحن نعلم انه هؤلاء هم احفاد من سبقهم من عبدة النار ومن عبدة العجل فنرجو النظر في هذا لانه لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ملة الكفر واحدة وان تبدلت الالوان والاسماء لا نريد ان نحجب اشعة الشمس بغربال نقول لعلماء الاسلام المخلصين والذين يهمهم امر الاسلام لا تخافوا ولا تاخذكم بالله لومة لائم قولوا الحق واظهروا زيف الزائفين وقولوا للاعور انت اعور كفانا مواربة وتنميق الكلام لاننا والله ليس مرغوب فينا حتى نعتقد ما يعتقدون ونقول كما يقولون ولا يكون بيننا وبينهم اي اتفاق الا نلعن اول هذه الامة من نبيها حتى اخر خلافة فيها هكذا يرودوننا فنحن لانبيع ديننا بدنيايانا نسال الله عز وجل السؤدد لكل عالم مخلص يبرأ ذمته امام الله ولايكتم ما علمه الله ويظهر الحق ويشير الى زيف الزائفين ويغفر لنا ذنوبنا ويجمعنا على كلمة الحق الصادقة وينتزع من قلوبنا الحقد والبغضاء والحسد انه على ما يشاء قدير وصلى الله على سيد الخلق اجمعين محمد بن عبدالله وعلى اله واصحابه الغر الميامين والحمد لله رب العالمين
28-07-2009 / 14:35:23 مريد ابن رشد